فراق الاحبة كيف يكون ؟!

السلم عليكم ........
انا جايبلكم قصة بطير العقل ..........بس انتو ادعولي



خطوات على الثلج

انزلقت قدماه على الثلج , فراح يتدحرج مثل كرة يتقاذفها أطفال أشقياء .
أطلقت ضحكة عالية فيها كل براءة الطفولة , ساعدته على النهوض , تحسست جسمه بأنامل تجيد عزف البيانو , واصلت ضحكتها , فيما راحت وسط ضحكاتها المتتابعة تسأله إذا كان قد تضرر أم لا.
نهض , اتكأ على ذراعيها ي أتقى اللهوه الخجل , وتعلو الحمرة وجنتيه .طمأنها أن شيئا في جسمه لا يؤلمه , توقفت عن الضحك , وراحت تسأله بجدية مفاجئة , هل هو بخير ؟؟

نظر إليها نظرة ذات معنى , نفض الثلج العالق بثيابه بصمت , أصلح هندامه ومشى مواصلا صمته , توقف , استدار , ليجدها مكانها لم تبارحه , وفي عينيها نظرة حب ... أسى ً وعتاب .
لم يستطع الاستمرار , اطرق رأسه , عاد القهقرى , احتضنها بين ذراعيه وغمرها بقبلاته . فهو يعرف هذا الأسى المرتسم في عيونها وما يعنيه منذ اقتراب موعد رحيله.

التقيا منذ عامين , كل منهما يبحث عن ضالته في المكتبة العامة , اقتربا أثناء بحثهما , كل من الأخر , توقفا أمام زاوية التاريخ ور أتقى الله يحدقان في الكتب والمراجع , وفجأة انتبه كل منهما للأخر , تبادلا الابتسام , سمرته وشت بشرقيته , ومظهرها ولهجتها افصحان أنها من أبناء البلد , تجاذبا أطراف الحديث وجلسا إلى طاولة واحدة استغرقا في القراءة والبحث , إلى أن جاءتهما امرأة بدينة تخبرهما بقرب موعد إغلاق المكتبة , وأن عليهما الاستعداد للمغادرة في بضع دقائق .
دعاها إلى فنجان من القهوة في مكان هادئ , فاستجابت بعفوية وبساطة , ومنذ ذلك الوقت لم يفترقا أبدا , صار لقاؤهما شبه اليومي ,أشبه ما يكون بفرض عبادة لا يتخلف ناسك عن أدائه, فما أن ترى احدهما حتى يذكرك بالأخر , وعرفا في الجامعة بين أوسط الطلبة كتوأمين لا يفترقان .

ما زال يذكر الحيرة والارتباك اللذين تملكاه في المرات الأولى التي استضافته فيها إلى منزلها مع والديها , دون أن تشعر بالحرج , وهو الذي اعتقد أن وجوده في ذلك المنزل سيسبب الضيق لوالديها دون شك .

صارت جزءاً منه , وصار جزءاً منها , لا يستطيع احدهما تخيل حياته دون الآخر رغم علمهما أن فراقهما آت لا محالة , فلا هو يستطيع البقاء هنا , ولا ظروف بلده المحتل تسمح له باصطحابها معه .
لم تترك مكانا في المدينة الضخمة إلا واصطحبته إليه , أرته كل ما يمكن لأجنبي أن يراه , ولم يرفض لها دعوة أبدا ,كانت تمضي الساعات الطوال تساعده على الدراسة وإجادة اللغة , كان لها فضل كبير عليه في تفوقه الدراسي , ويوم تخرج غمرته بحنان وحب لم يعرفها من قبل , وأقامت له حفلا متواضعا في منزلها دعيا كل أصدقائهما .

هذا هو اليوم الأخير , سيغادر المدينة غدا عائدا إلى ارض الوطن , خرجا في نزهة خارج المدينة التي ي أتقى اللهوها الثلج , إنها الرحلة الأخيرة وكل منهما لا يرغب في أن يتذكر ذلك أو يذكره .
طافا معالم المكان يتأبط كل منهما ذراع الآخر ويسري في جسدهما دفء غير عادي رغم برودة الطقس , وفجأة زلت قدمه فسقط أرضا , عادا أدراجهما إلى المدينة وكان عليهما أن يفترقا
ما أصعب فراق الأحبة, أي الم يعتصر القلوب , الأيام والشهور والسنوات تمر في الخاطر في لحظات , ترقرق الدمع في العيون طالما كابرت وتمنعت , ثم سحً غزيراً بلا حساب .
تشابكت الأيدي في وداع مؤلم أخير , انسحبتا , تلامست أطراف الأصابع , تشبثا مرة أخرى , وانسحبتا في هدوء حزين , العيون لا تفارق العيون , ارتعاش يسري في الأوصال , غصة في حلقين , أربع دمعات تتدحرج بحرقة , قلبان خافقان , وصمت عالي الضجيج , نسمات باردة تلهب وجهين , فراق أكيد , لقاء أخير , ولا يقوى احدهما على المبادرة بالمغادرة.
تراجعا في خطوات بطيئة ووجه كلاً منهما للآخر , استدارت ومضت , خطواتها على الثلج واضحة المعالم , لكن الثلج المنهمر بغزارة أضاع معالمها , تلك هي الصورة الأخيرة التي ارتسمت في ذهنه وهو يراقب تساقط الثلج من شباك غرفته برام الله بعد مضي عام على الفراق .

ان شاء الله تعجبكم .....
ردودكم دعم لي ......